الموقع الرسمي للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الامانة العامة فلسطين guwp.net
bootstrap website templates

الأموال المشتركة بين الزوجين
إعداد
 الأستاذة: نهاية محمد – الأستاذ: اشرف أبو حية
مقدمة
عندما نتحدث عن الأموال المشتركة بين الزوجين نقصد بها الأموال التي تحصلت عليها الأسرة بعد الزواج، والتي جاءت نتيجة للجهد المبذول من قبل الزوجين سواء من خلال العمل المنزلي للمرأة، أو من خلال العمل خارج المنزل للرجل و المرأة، بحيث أن الأموال التي كانت لكل من الزوجين قبل إبرام عقد الزواج؛ تكون من ضمن الذمة المالية المنفردة لكل من الزوجين والتي لا تدخل ضمن الأموال المشتركة، إلا إذا تمت تنمية هذه الأموال بعد عقد الزواج سواء كانت هذه الأموال منقولة أو غير منقولة

 والسؤال المطروح فيما إذا كان عمل المرأة داخل المنزل يدخل ضمن مفهوم تكامل الزوجين في تكوين المال المشترك للأسرة أم لا.. ومن هنا لابد لنا أن نقف على حقيقة أن الأدوار الاجتماعية المفروضة قسرا في المجتمع، ما هي إلا تعبير عن سلوك تقليدي تكرس كموروث في المجتمع ، وهذا لا يعدوا عن كونه تعبيرا واضحا لا لبس فيه، حيث أن تقسيم هذه الأدوار ما بين الرجل والمرأة ما هي إلا تعبير عن مصالح القوى الذكورية في المجتمع، وتنعكس هذه المصالح في كل ما يتعلق بالتشريعات التي تعالج قضايا المرأة والرجل أو الأسرة بشكل عام في المجتمع

 وبنظرة سريعة على بعض القضايا التي تتعارض مع الموروث الديني والثقافي، كالفوائد البنكية؛ فإننا نجد أن المشرع الذي يتوقف ألف مرة عند أي مطالبة بتعديل بنود بعض القوانين التي تمس الأسرة والمرأة بشكل خاص، لم يتوانى في تشريع الفوائد البنكية مطلقا عليها مصطلح الفائدة القانونية، وفي الحقيقة فهي تتعارض مع الشريعة باعتبارها "ربا"، ولكن قوننة المسائل المتعارضة مع الدين؛ ما هي إلا تعبير عن المصالح التي تحكم بعض فئات المجتمع، مما يجعل فلسفة أي إحداث التغيير على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي محكوما بعاملين رئيسيين: العامل الأول وهو المتعلق بأن الرجال هم غالبا من يضعون القوانين، والعامل الثاني يتعلق بنظرة المجتمع النمطية والتمييزية للمرأة

فكون أن الرجال هم من يقوموا بوضع التشريعات في مجتمع يمتلك الذكور القوة والسطوة، فلا بد وأن تعطيهم هذه الميزة أخذ المنظور والمصلحة الذكورية بعين الاعتبار بقصد أو دون قصد، وعليه فالنتيجة ستكون حتما لصالح الرجل في أي تشريع. وينطبق هذا أيضا فيما إذا كانت الإمكانية متاحة أمام المرأة أو أمام قطاعات المجتمع الأخرى لوضع القانون..! لذلك ولغايات العدالة والتوازن فان الحل يكمن في مشاركة جميع الفئات ذات المصلحة في وضع القوانين

 أما العامل الثاني فهو مرتبط بالأدوار النمطية والفكر التقليدي للمجتمع اتجاه دور المرأة، وهو المنظور الذي يشيَء المرأة، وينظر لها على أساس من كونها عنصر قاصر وعاجز عن المشاركة بصنع القرار

لقد استندت القوانين الموروثة على التوزيع التقليدي للأدوار ما بين الزوج والزوجة، وتصويرها وكأنها الصورة المثالية لتحقيق الاستقرار الأسري. حيث ألزم الزوج منفرداً بالنفقة على الزوجة، وعليه أعطي الرجل حق ترؤس الأسرة والولاية عليها، وأنكر عمل المرأة المنزلي بوصفة عملا منتجا وشكلا من أشكال الإنفاق على الأسرة وبناء ثروتها. فلم يعترف القانون بحق الزوجين المتساوي في ممتلكاتهم التي تحققت خلال الحياة الزوجية. وجرت العادة على تسجيل الممتلكات باسم الزوج باعتبارها ممتلكاته بما فيها بيت الزوجية، حيث ما تزال العقلية السائدة والتي يتم التعامل معها قانونيا وقضائيا على أن مسكن الزوجية، هو من حق الزوج انطلاقاً من الفريضة القائلة بان الرجل هو المعيل الوحيد للأسرة، وتسجل ممتلكات الأسرة باسم الزوج؛ ويستثنى من ذلك أحيانا أثاث بيت الزوجية الذي يسجل باسم الزوجة عند عقد الزواج في حال اتفق الطرفان على ذلك. ولا يتم مراعاة حق المرأة قانونياً في الممتلكات، حيث يعتبر أن كل ما يسجل باسم الزوج حقاً له ولا يحق لزوجته مشاركته به إلا بموافقته، دون الأخذ بالاعتبار الدور المشترك للزوجين في تحصيل هذه الممتلكات؛ سواء من خلال عمل الزوجة خارج المنزل أو بسبب تقدير عملها المنزلي

 : الذمة المالية المستقلة
 يجمع الفقه والقانون على مبدأ استقلالية الذمة المالية للمرأة عن الرجل وللزوجة عن الزوج، إلا أن الإجماع ينحصر في حدوده النظرية. وفي الوقت ذاته يوجد إجماع على حق المرأة في الحصول على حقها في الميراث، دون الحاجة إلى الدخول في تفاصيل النسب وفق ما هو مقر في الشريعة الإسلامية، إلا أننا ولدى التدقيق في مدى تطبيق الحق نجد بأن أكثرية النساء يحرمن من الحصول على ميراثهن الشرعي. وفي هذا السياق أصدر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي المنعقد في دورته السادسة عشرة بدبي (دولة الإمارات العربية المتحدة) ــ من 9 إلى 14 أبريل 2005- قرارا وفتوى عن اختلافات الزوج والزوجة الموظفة، وعن انفصال الذمة المالية بين الزوجين، جاء فيه : إقرار انفصال الذمة المالية بين الزوجين، فللزوجة الأهلية الكاملة والذمة المالية المستقلة التامة، ولها الحق المطلق في إطار أحكام الشرع مما تكسبه من عملها، ولها ثروتها الخاصة، ولها حق التملك والتصرف بممتلكاتها ولا سلطان للزوج على مالها، ولا تحتاج لإذن من الزوج في التملك والتصرف بمالها.
 مما يجعلنا نتوقف أمام الواقع الحالي لموضوع اقتسام الأموال التي تحققت خلال الحياة الزوجية سواء من خلال الزوج أو الزوجة، وما هي الأموال التي تدخل في إطار القسمة بين الزوجين، وما هي الأموال التي تكون من ضمن الذمة المالية المستقلة لكلا الزوجين

وان تحدثنا عن الذمة المالية المستقلة لكل من الزوجين، فإننا نتحدث عنها قبل إبرام عقد الزواج والتي من الممكن أن تستمر إلى بعد عقد الزواج. وأن ميراث الزوجة والزوج هو من الأموال التي تقع في إطار الذمة المالية المستقلة، كما أن ما تحقق من أموال قبل عقد الزواج، والديون التي تراكمت على أي منهما ولم تسدد قبل عقد الزواج، إضافة إلى ما يؤول إليهما من ارث أو وصية أو هبة، بمعنى أن الأموال التي لم تتكون أو تتطور خلال الحياة الزوجية تعتبر ضمن الذمة المالية المستقلة

إن مسالة الأموال المشتركة ستقودنا إلى الحديث عن العمل مدفوع الأجر والعمل غير مدفوع الأجر، وبمعنى آخر سنتعرض إلى تحديد العمل التي تقوم به المرأة داخل المنزل، بدءا من تعريف ماهيته؛ وهل هو عمل مدفوع الأجر أم لا؛ وهل يدخل ضمن التعريف العالمي للعمل؛ وتقييمه من الناحية اقتصادية، وفيما إذا كان يدخل ضمن الناتج المحلي

 : العمل المنزلي 
إن العمل الذي يساهم في التنمية الاجتماعية وفي الإنتاج القومي، هو العمل المنتج لقيم اقتصادية تبادلية، فلا يعتبر اقتصاديا إلا العمل المأجور، ومن خلال النظر إلى اغلب أجهزة الإحصاء في الدول العربية فإننا نجد أنها تتبنى تعريف النشاط الاقتصادي، وفق التعريف المتبع من قبل منظمة العمل الدولية، كذلك ذهبت دائرة الإحصاء العامة الأردنية " أن العمل في مصلحة الأسرة دون اجر هو الفرد الذي عمره 15 فأكثر الذي زاول أو يزاول عملا خلال فترة الإسناد الزمني في مصلحة خاصة بالأسرة أو احد أفرادها دون أن يتقاضى هذا الفرد أي اجر نقدي أو عيني."
ويتضح من خلال ذلك أن ما تقوم به المرأة من عمل منزلي هو عمل غير مأجور، وان كافة الأعمال التي تقوم بها من أعمال فلاحة وغيرها تعتبر كجزء من مسؤولياتها المنزلية أو امتداد للعمل المنزلي كذلك، ولا تتقاضى عنها أي اجر فتكون بذلك خارج إطار التعريف بالنشاط الاقتصادي المنتج في المجتمع.
هناك من تناول بالبحث القوة الجسمانية التي تتطلبها الأعمال المنزلية، انطلاقا من مقارنة بعض أنواع الأعمال التي تقوم بها المرأة، مع بعض أنواع الأعمال المهنية، لإثبات أن العمل الذي تقوم به المرأة داخل البيت، يتطلب مجهودا عضليا وقوة جسمانية مثل التي تتطلبها بعض الأعمال المهنية من عامل يدوي، ليخلص إلى أن العمل المنزلي هو عمل منتج ،ويجب الاعتراف به ضمن الأعمال الإنتاجية بالمجتمع، مما يعني أن كلا من الرجل والمرأة ينتجان في المجتمع والأسرة، وكلاهما يعملان على تنمية أموال الأسرة بطريق مباشر أو غير مباشر.
وهناك من أضاف على موضوع القوة الجسمانية التي تتطلبها الأعمال المنزلية مسألة الوقت الذي تتطلبه الأعمال المنزلية، موضحا أن المرأة تعمل بالبيت أكثر من 16 ساعة، بينما هي أو هو يعملان خارج المنزل في العمل المأجور وفقا لما حددته القوانين من ساعات للعمل لا تتجاوز8 ساعات يوميا، ليخلص أن العمل المنزلي هو عمل منتج لكونه يتطلب وقتا اكبر

إضافة إلى ذلك يطرح التساؤل حول العاملات في المنازل، حيث تلجأ العائلات إلى جلب عاملات أو عمال للقيام بالإعمال المنزلية، ويتم دفع اجر مقابل قيامهم بتلك الأعمال، الأمر الذي يعني أن عمل المرأة هو عمل منتج من الدرجة الأولى، وان عملها المنزلي هو عمل يسهم بطريقة مباشرة في تنمية مال الأسرة وتكوين ثروتها، ليس هذا فحسب؛ بل هناك من رأى أن قيام النساء بالأعمال المنزلية جعل الرجال أحرارا من تحمل مسؤوليات على هذا الصعيد، لذلك فالعامل المعفى من العمل المنزلي لقيام زوجته بأعبائها وأعباء العناية بأفراد الأسرة، يستغل وقته بالراحة وممارسة فعاليات متنوعة أخرى، تمكنه من الذهاب للعمل في اليوم التالي بنشاط تزيد في إنتاجه، وتطور إمكانياته في تنمية أموال الأسرة وتكوين الثروة

ماهية الأموال المشتركة بين الزوجين
إن كافة الإحصاءات سواء تلك الإحصاءات الوطنية للدول أو الإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة، تشير إلى أن نسبة العمل الأكبر خارج المنزل هي من نصيب الرجال، وان النساء غالبا ما يكون نصيبهن هو العمل المنزلي، وتفيد معدلات النشاط الاقتصادي في مصر وفق بحث العمالة بالعينة لجهاز التعبئة والإحصاء المصري أن معدلات النشاط حسب فئات السن في العام 2005 ومنها يتضح أن معدلات النشاط للرجال أعلى منها للنساء في فئات حيث بلغت نسبة الرجال 77% والنساء 23%، كما تفيد إدارة الإحصاء المركزي اللبناني أن نسبة النساء العاملات من سن 15 فما فوق 23.3 بينما الرجال تصل إلى 73.4 ، بينما في فلسطين فان نسبة العمل حسب الجنس فهي 14.1 بينما للرجال67.8. إذن عمل الرجل خارج المنزل يقابله عمل المرأة بالنسبة الأكبر من النساء داخل المنزل، وهذا يعني أن كلا من الرجل والمرأة يعملان بالتساوي من اجل الأسرة كذلك فان نسبة من النساء تعمل خارج وداخل المنزل، وان نسبة غير بسيطة من النساء ممن يقمن بإعالة الأسرة، وهذا ما سنتعرض لكل حالة على حدة

إن فلسفة تنمية المال المشترك بين الزوجين؛ ينطلق من أن المرأة التي تعمل داخل الأسرة؛ هي التي مكنت الزوج من العمل الهادئ خارج المنزل مما يمكنه من تنمية أي مال بحوزته من خلال تقسيم العمل بين الزوجين في خارج المنزل وداخل المنزل. وعلى الرغم من عدم اتفاقنا مع سياسة تقسيم العمل بالشكل النمطي ونعتبره لا يحقق العدالة، انطلاقا من إيماننا بأنه يفترض تقاسم العمل المنزلي بين الزوجين، إلا أن الواقع مغاير تماما لما نناضل من اجله

والأموال التي تتحصل بعد الزواج يمكن أن تكون أمولا منقولة أو غير منقولة، فالأموال المنقولة مثل السيارات والأثاث وغيرها والأموال غير المنقولة كالعقارات والأراضي، وفي جميع أنواع الأموال فهي تندرج ضمن الأموال التي تتحصل بعد الزواج؛ فيمكن للمرأة أن تساهم في اقتناء سيارة للأسرة أو غيرها من الموارد، كما يمكنها أن تساهم في بناء بيت أو شرائه أو شراء قطعة ارض على سبيل المثال. كذلك يمكن أن تكون أصل الأموال من الذمة المالية للزوج، أو الذمة المالية للزوجة في الأصل، فمثلا يمكن أن يكون للزوج بيت عن طريق الإرث، أو للزوجة ارض عن طريق الإرث، فهذا المال يكون من ضمن الذمة المالية الخاصة لكل من الزوجين، ولكن بعد الزواج ارتأى الزوجان أن يقيما بناء على الأرض؛ أو يقيما بناء فوق البناء القديم الذي هو في الأصل ضمن الذمة المالية لأحد الزوجين؛ فيكون هذا المال بعد الزواج هو من ضمن الأموال المشتركة التي اكتسبت أو تمت تنميتها بعد الزواج

وبدأ الاهتمام وبشكل عالمي للاعتراف بعمل المرأة بجميع مساهماتها؛ حيث أكد منهاج العمل العالمي للنهوض بالمرأة والمتضمن إعلان ومنهاج عمل "بيجين"، على ضرورة استخدام سبل إحصائية مناسبة للاعتراف بعمل المرأة بجميع أشكاله في القطاعين المنزلي والعمل بدون اجر، أو السعي لإيجاد معرفة أكثر شمولاً عن عمل المرأة، من ضمنها تقييم العمل غير المأجور؛ وزيادة تفهم أنواعه ونطاقاته وتوزيعه؛ لا سيما العمل المتعلق برعاية المعالين والعمل غير المأجور لخدمة مزارع الأسرة أو أعمالها التجارية، وتشجيع نشر المعلومات المتعلقة بالدراسات والتجارب الداخلة في هذا الميدان، بما فيها وضع أساليب لتقدير قيمتها الكمية لاحتمال التعبير عنها في حسابات يمكن إصدارها بصورة منفصلة لكنها متناسقة مع الحسابات القومية الأساسية

في مجتمعاتنا؛ لا تزال المرأة ووفقاً للموروثات المجتمعية تقوم بغالبية أعباء الدور الإنجابي، وفي ظل ظروف قاهرة كرعاية المعالين من أطفال وكبار السن ومعاقين والأعمال المنزلية المختلفة، إضافة إلى العمل في مشاريع الأسرة كالمزارع الخاصة، فهل ما تقوم به المرأة من أعمال يجعلها خارج إطار القوى العاملة؛ أي هل يحق اعتباره كنشاط شخصي بلا منفعة أو قيمة مادية؛ وهل يمكن أن لا يصنف كمشاركة في بناء اقتصاد الوطن ورفاهيته

 لقد طرح تقرير الأمم المتحدة (نساء العام 2000) مفهوماً موسعاً للعمل، ودعا لتنبيه جميع الجهات المسؤولة عن جمع ونشر البيانات حول العمل. وبنص هذا المفهوم على أن " العمل هو مشاركة الأفراد في إنتاجية يحصلون في مقابلها على عوائد مادية أو نوعية، أو عمل غير مدفوع الأجر مثل المساهمة في مشروع للأسرة ، ويشمل أيضا إنتاج المواد والبضائع للاستهلاك المنزلي والنشاطات غير الاقتصادية؛ كالعمل المنزلي ورعاية أفراد الأسرة وكبار السن، وبناء أو إصلاح مبان يمتلكها الشخص أو عائلته، والعمل التطوعي الذي لا يحصل الشخص على مكافأة مقابله"
ويلاحظ أن هذا المفهوم الموسع للعمل، يشمل جميع أنواع العمل التي يقوم بها الفرد، ويتضمن بصورة خاصة الأعمال التي تقوم بها النساء أكثر من غيرهن مثل العمل داخل المنزل والعمل العائلي غير مدفوع الأجر، إلا أن الإشكال الرئيسي أمام هذا المفهوم هو عدم توفر مؤشرات ثابتة لقياسه، بسبب الاختلافات بين المجتمعات وصعوبة الوصول لتعريف محدد للعمل غير الرسمي، وعدم توفر معلومات كافية عن الأنشطة الاقتصادية وغير الاقتصادية التي تتم داخل المنزل ، وقد تُرك المجال مفتوحاً أمام الدول المختلفة لاختيار أفضل الوسائل لجمع اكبر قدر ممكن من البيانات عن العمل

 : الأموال التي تحصلت بعد الزواج للمرأة والرجل اللذان يعملان خارج المنزل
وفي هذا السياق ننظر إلى موضوع عمل المرأة والرجل معا خارج المنزل، وبالتالي الإسهام معا في تكوين مال الأسرة، وهذا يقودنا إلى الكثير من الأمور منها ما هو مرتبط بعمل المرأة الخارجي الذي يمكن أن يكون في القطاع العام أو القطاع الخاص براتب محدد يذهب في نهاية الأمر إلى المساهمة بتنمية ما تمتلكه الأسرة من مال أو لسد حاجات الأسرة، وهنا يكون كلا الزوجين يساهمان فعليا بتنمية مال الأسرة سواء المنقول منها كالسيارة أو الاحتياجات المنزلية كالأثاث وغيره، أو تنمية الأموال غير المنقولة كالعقارات، ولكن هنا علينا أن ننوه إلى أن المرأة تبذل في العمل وقتا مضاعفا إضافة إلى عملها خارج المنزل، وهو العمل التي تقوم به داخل المنزل، وهو العمل المنزلي الذي يندر أن يساهم الرجل فيه

 وإذا ما طبقنا هذه الرؤية على مسح استخدام الوقت الذي أعده جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني عام 2000، والذي لم تورد أجهزة الإحصاء في الدول الأخرى مثل هذا المسح؛ والذي يمكن قياسه على الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط كالأردن ولبنان وفلسطين، فإننا نجد أن الإحصاءات كانت كما يلي، إن النساء العاملات من الفئة العمرية 25 -44 خارج المنزل؛ يقضين أربع ساعات يوميا في العمل المنزلي؛ فيما يقضي الرجال العاملون اقل من ساعة في هذا العمل

ومن خلال هذا المسح؛ يمكن لنا الوقوف على فهم طبيعة المال المكتسب لاحقا في حال انتهت علاقة الزواج للأسباب التي تنتهي بها حكما أو قانونا، فنجد أن المرأة التي تعمل خارج المنزل ساهمت من خلال عملها في تنمية هذه الأموال، إضافة إلى مساهمتها في تنمية هذه الأموال من خلال عملها ووقتها وجهدها في عمل المنزل، وعليه يكون من حق المرأة أن تتقاسم كل ما تحصل من أموال بعد الزواج مناصفة بينها وبين الرجل. إضافة إلى ذلك، فلو انتهت علاقة الزواج بوفاة الزوج؛ تكون الأموال التي تحصلت أثناء الزواج للقسمة بين الزوجين ابتداء وتأخذ المرأة نصيبها المستحق من نصف هذه الأموال، ومن ثم نصف مال الزوج المتوفى يكون للتركة الذي يتقاسمه الورثة، وتأخذ المرأة نصيبها من الإرث في نصف مال زوجها

وهذا ما قضى به الخليفة عمر بن الخطاب في نازلة عامر بن حارث وزوجته حبيبة بنت زريف، التي ذكرها ابن أبي زمنين في منتخب الأحكام له وعزاها لابن حبيب في الواضحة قائلا: والأصل في شركة الزوجين المذكورين؛ أن عامرا كان قصارا وان حبيبة كانت ترقع الثياب حتى اكتسبا مالا كثيرا فمات عامر وترك أموالا، فأخذ ورثته مفاتيح المخازن والأجنة، واقتسموا المال، ثم قامت عليهم زوجته حبيبة المذكورة وادعت عمل يدها وسعايتها، فترافعت مع الورثة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقضى بينهما بشركة المال نصفين فأخذت حبيبة النصف بالشركة، والربع من نصيب الزوج بالميراث لأنه لم يترك ولدا والورثة اخذوا الباقي

فمن الضروري جداً الاستفادة من قاعدة البيانات هذه وتحديثها لتحتسب اقتصاديا مساهمة الأعمال التي تقوم بها النساء وتنعكس على مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث أن النساء قد يتحملن الفشل الحكومي في تقديم الخدمات الصحية فيقمن برعاية المرضى، أو الفشل من القطاع التعليمي فيقمن بتعليم الأطفال، ولا يمكن معاملة هذه الأعمال كأنها لم تكن عند الحديث عن إنتاج البلد، أو حتى الحديث عن المساهمة في النفقة على المنزل من خلال تقديم الجهد المبذول في إنتاج الطعام ورعاية الأطفال والقيام بالأعباء المنزلية، وذلك لتأكيد أحقية المرأة بشكل مطلق في احتساب ما تقدمه كجزء من الإنفاق ومساهمة في بناء ثروة الأسرة، ومدخلاً لتثبيت حقها في الأموال المحصلة أثناء الزوجية، وذلك بإحداث تعديل جوهري في قانون الأحوال الشخصية، بالعدول عن التوزيع التمييزي ما بين الزوج والزوجة، وما يترتب عليه من مراكز قانونية مختلة لصالح الرجل، من خلال المساواة في الالتزامات الاقتصادية وتقدير العمل المنزلي واعتباره شكلاً من أشكال الإنفاق على الأسرة، واحد مصادر الأموال المكتسبة والمتحققة خلال فترة الحياة الزوجية

الأموال التي تحصلت بعد الزواج- المرأة التي تعمل داخل المنزل والرجل الذي يعمل خارج المنزل

في هذه الحالة تكون المرأة تعمل داخل المنزل والرجل يعمل خارج المنزل، فالرجل ومن خلال عمله خارج المنزل ينفق على الأسرة، كما يعمل على تنمية أية أموال سواء كانت هذه الأموال من ضمن ذمته المالية المستقلة، أو من ضمن الأموال التي اكتسبت أثناء الحياة الزوجية، ولكن كيف للرجل أن يعمل خارج المنزل ويعمل على تنمية أموال الأسرة دون الجهد المبذول والعمل التي تقوم به المرأة داخل المنزل.. فهل يستطيع الرجل من دون عمل المرأة التي تسد الجانب الأخر من الالتزامات الأسرية أن يقوم بالتفرغ إلى تنمية أموال الأسرة

 إذ يؤكد تقرير للأمم المتحدة صدر عام 1985 م على هامش مؤتمر نيروبي، القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت فيقول : (لو أن نساء العالم تلقين أجورا نظير القيام بالأعمال المنزلية ، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد، ولو قامت الزوجات بالإضراب عن القيام بأعمال المنزل لعمت الفوضى العالمَ : سيسير الأطفال في الشوارع ويرقد الرضع في أسرهم جياعا تحت وطأة البرد القارص وستتراكم جبال من الملابس القذرة دون غسيل ولن يكون هناك طعام للأكل ولا ماء للشرب ولو حدث هذا الإضراب فسيقدر العالم القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت.. وإن المرأة لا تتلقى أجرا نظير القيام بهذا العمل، إن هذا العمل الحيوي على جانب عظيم من الأهمية، غير أن هذه الساعات الطويلة من عناء المرأة في المنزل لا يدركه الكثيرون لأنه بدون أجر) . ثم يقول التقرير: (إن المرأة لو تقاضت أجرا لقاء القيام بأعمالها المنزلية لكان أجرها أكثر من 14500 دولارا في السنة وإن النساء الآن في المجتمعات الصناعية يساهمن بأكثر من 25-40% من منتجات الدخل القومي بأعمالهن المنزلية

  ومن خلال ما أورده التقرير آنف الذكر؛ فانه من المنطقي والطبيعي أن يكون عمل الرجل خارج المنزل؛ وعمل المرأة داخل المنزل مكملان لبعضهما البعض، مما يستقيم معه القول: أن أية أموال تتحقق للأسرة بعد الزواج؛ هي نتيجة طبيعية لجهد الرجل والمرأة معا مما يستوجب اقتسامها بالتساوي عند انتهاء الزواج 

ومن الأعمال الأخرى التي تقوم بها النساء إضافة إلى عملها داخل المنزل ما تقوم به من أعمال كالخياطة والنسيج وفلاحة الأرض وتربية المواشي، فكثير من النساء اللواتي يعملن في هذا العمل غير الرسمي يساهمن في تكوين مال الأسرة، ويشير مركز الإحصاء والتعبئة المصري أن 64.1% من النساء المشتغلات بالقطاع غير الرسمي في الري؛ يعملن لدى الأسرة بدون اجر، مقابل 57.5% فقط من نساء الحضر. ومن خلال هذه النسبة يتضح لنا أن هناك عدد كبير من النساء اللواتي يعملن أعمال إضافية إلى عمل الأسرة تسهم في تنمية أموال الأسرة، مما يتحقق معها أن كل من المرأة والرجل يساهمان في هذه الأموال وبالتالي من حقهم اقتسامها عن انتهاء الزواج

 : الأموال التي تحصلت بعد الزواج - المرأة التي هي تعيل الأسرة في ظل عدم عمل الزوج
هناك حالات تكون فيها المرأة هي التي تعمل خارج المنزل إضافة إلى عملها داخل المنزل، وفي هذه الحالة يكون فيها الزوج لا يعمل سواء لفترة قصيرة أم لفترة طويلة بسبب عجز أو مرض أقعده عن العمل، وهنا تكون المرأة هي المعيلة للأسرة في وجود الرجل، وهي التي تقوم بالإنفاق على الأسرة؛ كما تعمل على تنمية أموال الأسرة القائمة أو تنشئ أموالا أخرى سواء أمولا منقولة أو غير منقولة، كما تعمد النساء من خلال عملها على اقتراض قروض من البنوك وتكون هذه القروض طويلة الأمد، وفقا للقوانين الحالية ولو انتهت علاقة الزواج؛ فالمرأة تكون أسهمت بشكل مباشر ومضاعف من خلال عملها خارج المنزل وداخل المنزل في تكوين أموال الأسرة؛ لكنها ما أن تنتهي علاقة الزواج فهي تخرج من دون أن أي مال لها من أموال الأسرة التي أنشأتها من خلال عملها في خارج وداخل المنزل، لتذهب كل أموال الأسرة إلى الزوج وفق التقسيم الواقعي القائم. علاوة على ذلك فلن تكون المرأة بمنأى على أنها لا زالت تعمل على تسديد ما اقترضته من اجل تنمية أموال الأسرة دون أن تحصل على شيء، وهذا تقسيم غير عادل وفيه من الغبن للمرأة التي بذلت جهدا مضاعفا طوال قيام علاقة الزوجية

الأموال التي تحصلت بعد الزواج - المرأة التي تعيل الأسرة بعد وفاة الزوج
وفي الحالات التي تكون فيها المرأة من تعيل الأسرة؛ وهي التي تشكل مصدر الدخل الأساسي لها، فإضافة إلى عملها خارج المنزل تعمل داخل المنزل، وفي هذه الحالة نتحدث عن النساء اللواتي انتهت العلاقة الزوجية بوفاة الزوج، ففي مثل هذه الحالة تكون كافة أموال الأسرة أصبحت من ضمن تركة الزوج، أي أن الأموال التي قامت المرأة بتنميتها طوال حياته أصبحت من ضمن التركة، وهنا نكون أمام حالتين: أحدهما تتمثل في أن الأسرة الممتدة ستشارك في تقسيم التركة دون اعتبار لعمل المرأة وجهدها في تنمية هذا المال، والحالة الثانية تكون إذا لم يوجد أسرة ممتدة فان الأبناء والبنات يشاركون في هذه الأموال

ففي الحالة الأولى وعندما يتوفى الزوج تصبح كافة الأموال من ضمن التركة فتخضع للتقسيم الشرعي للإرث، مما يعني أن الزوجة سيكون لها فقط نصيبها من الإرث، وسيكون أفراد الأسرة الممتدة لهم نصيبهم من التركة إضافة إلى نصيب أبناء المتوفى خصوصا إن لم يكن له أولاد يحجبون الأبعد من الأسرة الممتدة، فهنا نجد أن المرأة التي تعبت وعانت مع زوجها في تكوين أموال الأسرة لم تحصل سوى على نصيبها من التركة وهو الثمن، في حين أن الأسرة الممتدة ستدخل للتقاسم هي وأبنائها في الميراث من التركة مما يحرمها من الأموال التي تعبت في تنميتها ومراكمتها أو مساهمتها في تنمية المال.
لذا، لا بد أن يكون اقتسام المال المشترك الذي تحصل بعد الزواج بين الزوجين مناصفة، وتكون المرأة أخذت نصف مال التركة إن لم يكن من ضمن الذمة المالية الخاصة بالزوج، ومن ثم تحصل على نصيبها في التركة من النصف الآخر الخاص بالزوج، وهذا ما قضى به عمر بن الخطاب في مثل هذه القضية وذكرناه أعلاه في هذه الورقة

أما الحالة الثانية، وهي الحالة التي لا يكون هناك أسرة ممتدة، وهذا المثال يصعب وجوده في واقعنا اليوم، بحيث تتم قسمة التركة بين الأم والأبناء وفق التقسيم الشرعي للإرث، وفي هذه الحالة تحصل الزوجة فقط على نصيبها من التركة وهو 1/8 ويحصل الأبناء على الباقي وفق التقسيم الشرعي للإرث. وان كنا سوف ننظر لهذا الجانب على انه تعاطف من الأم مع الأبناء التي تفني حياتها من اجلهم ، إلا أننا يجب أن لا نظلم هذه المرأة في هذا الجانب، وإذا ما نظرنا نظرة متأملة للواقع، فإننا نجد أن الأبناء يتزوجون ويذهبون في حال سبيلهم، وتبقى المرأة وهي الأم تعيش لدى الأبناء أو وحدها في ظروف اقتصادية صعبة، في الوقت الذي لا تملك معها حرية الاختيار لا للسكن أو أي شيء آخر. لذا لا بد أن يكون هناك تقاسم عادل للأموال التي تتحصل بعد الزواج بين الزوجين في كل الحالات دون استثناء، وذلك أيفاء للمرأة حقوقها وتقديرا لجهدها وما بذلته في سبيل تنمية هذا المال، والحفاظ عليه سواء من خلال عملها خارج المنزل أم داخله

من خلال ما تقدم فان العمل الذي تقوم به المرأة في داخل الأسرة، فهو عمل منتج ذو قيمة اقتصادية عالية، فهو يساهم بشكل أو بآخر في الإنتاج المحلي للدولة، إضافة إلى انه مساهمة فاعلة في تكوين مال الأسرة بشكل مباشر لا يقبل التأويل، إن حرمان المرأة من اقتسام أموال الأسرة مناصفة بينها وبين الرجل، ما هو إلا تعبير عن الاستمرار في نهج حرمان المرأة من الحصول على حقوقها الأخرى في المجتمع، سواء حقوقها السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو غيرها من الحقوق

إن مسألة الأموال التي تحصلت بعد الزواج ليست شائعة، كما أنها غير موجودة في معظم قوانين الدول العربية. لقد اتجه المشرع التونسي إلى إقرار تشريع ينظم مسألة اقتسام الأموال التي تحققت بعد الزواج، وربطها بالأموال المنقولة واستثنى منها الأموال غير المنقولة. ولا بد من إبراز أن هذا القانون اعتبر في حكم القانون الاختياري للزوجين لهم الحق في التعامل أو العزوف عنه. ولكنه خطوة ايجابية على طريق بدء الإقرار للمرأة بحقها في اقتسام هذه الأموال التي تحققت بعد الزواج

ونقترح في هذا الخصوص أن يتضمن نص واضح وصريح في قوانين الأحوال الشخصية حول اقتسام الأموال التي تحصلت بعد الزواج وهذا النص  المقترح
" لكل من الزوجين ذمة مالية مستقلة، ولكل من الزوجين الحق في تقاسم الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تحققت أثناء الزواج مناصفة"
تتكون الذمة المالية للزوج:
- الأموال المنقولة وغير المنقولة التي اكتسبها قبل عقد الزواج.
- الديون المستحقة له اتجاه الغير.
- الديون المستحقة في ذمته اتجاه الغير.
- ما قد يؤول إليه عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو ما في حكمها أو عن طريق تعويض شخصي.
 تتكون الذمة المالية للزوجة:
- الأموال المنقولة وغير المنقولة التي اكتسبتها قبل الزواج.
- الديون المستحقة لها اتجاه الغير.
- الديون المستحقة في ذمتها اتجاه الغير.
- ما قد يؤول إليها عن طريق الهبة أو الإرث أو الوصية أو ما في حكمها أو عن طريق تعويض شخصي.
- مؤخر الصداق والهدايا التي يقدمها الزوج أثناء الخطبة وعند إبرام عقد الزواج أو أثناء العلاقة الزوجية.
انتهى